بوبوس ودخان السجائر

نازعتني بعض الأفكار الوساوسة بدخول فيلم سينما

ليه معرفش....طيب فيلم ايه برضه معرفش

مليش اي طقطان على افلام خالد يوسف كلها دم وكابة وانا مش ناقصة

سألت العالمين في أحوال الأفلام الصيفية هو أخبار أفلام السنة دي إيه

فكان الجواب فااااااااااااااكس

طب احمد عز...فاكس....طب تامر حسني فاكس

طب عادي امام..فاكس...

طب وبعدين يا رجالة....المهم ساقتني قدماي الى سيتي ستارز

واتلميت على زميلة عزيزة هتطرشق هي الأخرى من مشاغل العمل والحياة

وقررنا ان نضحك حتى نستلقي على قفانا...على رأي العرب

وقلنا بما ان سيتي ستارز سينماتها غالية ومليانة دور عرض يبقى العين عليها

ان شاء الله واكيد هنلاقي فيها حاجة عدلة

رحنا واتكلنا على الله فلم نجد غير عمر وسلمى وبوبوس

وبدل فاقد...ولأسباب يطول شرحها قررنا ان نختار بوبوس

على اعتبار ان الأمل موجود للضحك ولتغيير حالة الكابة والملل المخيمة على كلتينا

حجزنا التذاكر وقلنا نحتسي قدحا من القهوة في اي مكان...

وفجأة شعرت كأني في مطار القاهرة

ارتفع الإيقاع المميز تان تان تان تاااااه

تعلن ادارة مول سيتي ستارز ان المول اصبح خاليا من التدخين

تان تان تان تاااااااااااه

ثم يتكرر النداء مرة اخرى بالإنجليزية

طبعا احتجت الى اكثر من عشر دقائق ولخمس مرات استمع الى النداء حتى أميز ما يقال

ثم غرقت في نوبة من السعال الحاد لإن دخان السجائر لجميع من حولي كان هيموتني

طبعا العرق بتاع الإعتراض الي عندي نفر...ولإن صحبتي عقرب زيي

فعرقي لمّس مع عرقها وهبينا احنا الإتنين نضمر الإعتراض والدفاع عن تطبيق القانون بأي شكل

نادينا للنادل...لو سمحت يا أخ...هي السنيورة دي بتقول ايه

ينظر الينا النادل ببلاهة مع ابتسامة سمجة ويقول بتقول مفيش تدخين في المول حضرتك

احم احم...لا مؤاخذة يا بني العتب على النظر بس هو الدخان الي هيموتنا ده من ايه

لا يا فندم الكوفي شوبس مستثناه

بصتله بغباء كده وقلتله مش فاهمة حضرتك اشمعنا.؟؟

والله دي تعليمات...احنا عندنا استثناء عشان ااحنا مكان خاص للتدخين!!!

طيب ميرسي...نظرت الي صديقتي بعد ان رفعت حاجبها الأيسر قائلا

هو الي غبي ولا احنا الي متخلفين....قلت لها والله يا بنتي ما نا شايفه

ثم نقح عليا العرق الأحمق الخاص بالإعتراض وذهبت الى المدير ويسمونه المانجر على سبيل الحذلقة ليس إلا

لو سمحت يا أخ....هو حضرتك ليه سعادتك انتو مستثنين من النداء بتاع السنيورة

بإبتسامة تكاد تبتلع وجهه وتنم في الحقيقة عن سماجة غير مبررة...احنا عندنا ترخيص يا فندم

ايوة بس انتو مفتوحين على المول يعني الي واقف جنب الكرسي بتاعكو ما يدخنش والي قاعد يدخن

"أيوه يا فندم هو ده النظام"

بدأ عرق الغباوة (و بسمية غباوة عشان لما بينقح قوي ايدي بتطول) هو حضرتك شايف ان كلامك ده منطقي

اه يا فندم دي سياسة المحل واحنا بنطبقها

قلت في عقل بالي يا بت ده حتت نادل ولا رئيس الأندال ومش فاهم حاجة روحي لمدير المول

هو الي في ايده انه يحل الموضوع ده نهائيا

لكن يا ترى اين مدير المول؟؟

طيب نسأل حد من العساكر الي لابسن ابيض دول احيانا بيعرفوا هما واقفين فين

وجايز يدلونا

دخلنا على احدهم ببراءة

" مساء الخير يا أخ"

"أهلا يا فندم"

"والله هو بالنسبة للمدام الي حسها اتبنح دي بتتكلم منين"

" ده كمبيوتر يا فندم"

" أيوه يعني هي قاعدة فين انا عايزة اكلمها"

" ليه حضرتك فيه حاجة"

" اه اصل محدش سامع كلامها لإنه كل الناس عمالة تدخن كإننا في مركز شباب الشيشة"

"

يتأملنا انا وصديقتي الحارس الأمين ثم يقول

الله انا معجب قوي بصراحة حضرتك"

بس حضرتك لو عايزة مدام مرام الي بتتكلم دي هتلاقيها بتشيش عند الاموس

نظرت له صديقتي بتعالي ارستقراطي يبهرني فيها

من فضلك يا أخ....لما نحب نعمل كومبلين ( على سبيل الحذلقة ايضا) نعمله عند مين

سعاتك روحي لللواء طلعت في الدور الرابع

من اطراف مناخيرها قالت

"ميرسي"

انطلقنا سويا الى الدور الرابع وبحثنا حتى وصلنا لغرفة اللوا

طلعت فإذا هو رجل في اواخر الأربعينيات يبدو على قدر من الوسامة لو تجاوزنا الصفار الذي يكسو اسنانه من التدخين

وامامه طبقا فنجان ممتلئ على اخره بأعقاب السجائر

سألته بوضوح..." من فضلك انا عايزة اعمل كومبلين "

ابتسم ابتسامة عريضة كإني جاية اخطب بنته لأخويا مثلا

وقال ليه يا فندم خير ان شاء الله

قلت ابدا بس الهانم الي قلبها اتنبح دي مخليه شكلنا زبالة قدام الأجانب لما عمالة

تذيع بكل لغات العالم ان التدخين ممنوع في سيتي ستارز واحنا رئتنا هتنفجر من التدخين

فأجاب والله انا معجب جدا بإيجابيتكم...بس احب اوضح لكم نقطة مهمة جدا

التدخين فعلا ممنوع في سيتي ستارز ما عدا الكافيهات

تسألوني لييييييييييييه...إسألوني ليه اتفضلوا

طبعا ببراءة الخرفان سألنا...ليه يا فندم

قال اقولكم انا بقى..لإنه حضرتك فيه ماكينات شفط خاصة في الكافيهات

تمنع تماما خروج الدخان من داخل الكافيه لخارجه وعشان كده نقدر نقول ان سيتي ستارز خالي من الدخان

طبعا مش عايزة احاول افتكر تعبيرات وشي كانت عاملة ازاي

لكني فوجئت بصديقتي الساذجة تقول لكن يا فندم المكان مفتوح

فإذا بي اصرخ فيها " انت هتستهبلي انت كمان, انت هتمشي ورا كلام الهجص ده"

ثم نظرت ليه وشياطين الغضب تتقافز امام عيني

لو سمحت عايزة اعمل شكوى رسمية...

تحت امرك يا فندم...يا محمد هات يا بني ورقة فاضية من عندك

واعطاني ورقة بيضاء وقلم...قلت ما هذا

قالي اكتبي الي انت عايزاه...

قلتله بس ده مش شكوى رسمية..انت معندكش نموذج شكاوي في دفتر يتسجل فيه الشكوى

قالي لأ

احنا هنا امن المول حضرتك كده عايزة الإستعلامات

قلتله ميرسي وسبته ومشيت

طيب حد يقولي السينما...راحت فين اقوله معلش مصر اولا

والواحد لازم يكون ايجابي كان لسة فاضل تلت ساعة على الفيلم قلت يا بت امشي ورا المشوار للأخر

نزلت مع صديقتي المخلصة دوما للحق...الى استعلامات المول

طبعا عارفين الراجل الي قاعد في دايرة ده قدام استقبال

" مساء الخير يا بشمهندس"

" أهلا يا فندم"

طيب حضرتك هو ايه النداء الي بيتقال ده

ساب بقى الي وراه والي قدامه وركز قوي معانا

شوفي يا فندم....سيبك انت بقى من حكاية حقوق الإنسان والبيئة النظيفة والكلام ده كله

انا هجيب لحضرتك من الأخر...اصل إدارة المول اكتشفت ان المول فيه

ناس كتيرة قوي بتيجي وما بتشتريش منه ببصلة

معندهاش عربيات فما بتركنش وبتفضل قاعدة كده عند النافورة يشربوا سجاير وخلاص

فقرر المول بقى انه يمنع التدخين في المول ما عدا الكافيهات

ليه بقى حضرتك...عشان الناس الي بتيجي دي لما تلاق ان كل ما تحب تشرب سيجارة

هتطلع تقف بره...هتلاقي انها مضطرة تقعد في كافيه عشان تدخن

تقوم تنفع الكافيه وبيكده المول يروج لنفسه

حمدت ربنا ساعتها ان صاحبتي كانت موجوده لإنها لحقتني في اخر لحظة وانا بنط على الكاونتر امسك في زمارة رقبته

يعني حضرتك كل الي بتعملوه انكو تبتبزوا الناس اكتر

مش مكفيكم كل الفلوس الي داخلة للمول ليل نهار دي كمان عايزين تبتبزوا المواطن العادي

وبعدين ايه المنطق الأهبل ده...فيه في الدنيا منطق اهبل بالشكل ده

يعني هو مين ده ان شاء الله الي هيدب مشوار قد كده عشان يجي ستارز يقف وخلاص

وافرض فين بقى مصداقية المكان وسمعته

ازاي يبقى عندكوا ماركات عالمية مكلفاكوا ملايين عشان تجيبوها وفي الأخر تبهدلوا صورتنا بالشكل ده

يعني الأجانب يقولوا علينا ايه دلوقتي متخلفين

ينظر الى الرجل في تعالي قائلا...يا فندم فيه ناس كتير ةقوي

بتشكر في المول وفي اناقته وبتقول ان احنا فخورين ان مصر فيها حاجة زي كده

اردت ان القي عليه بصقة من العيار الثقيل لكن للاسف ريقي كان نشف من كتر الكلام ولم اجد

لعابا كافيا للبصق

لفيت وانا هموت من الغضب ومشيت

ومعرفتش برضه لما احب اشتكي اروح لمين

كان ميعاد السينما اوشك

فطلعت استنى مع صديقتي صديقة ثالثة مازالت في الجراج

كان الجدال قد انهكني فأردت ان اجلس قليلا على الأرض حتى تأتي مريم

لا داعي لذكر ان جميع الشباب امام دار السينما بيدخن لكن انا تعبت من محاربة طواحين الهوا

قلت يا بت خلي لسانك في بقك وكفاية كده اذا كنت بقالي ساعة بطلع من الأول للتالت للرابع للتاني للأول ومعرفتش اوصل

لحد مسؤول هعمل ايه اكتر من كده خلاص بقى...كل واحد يشيل مسؤوليته

فما ان جلست حتى فوجئت برجل امن قادما في سرعة البرق

يا فندم معلش انا اسف بس ممنوع الجلوس على الأرض

لم اتمالك نفسي من الضحك

وقلت بين دموعي ( الي غلبتني من كتر الضحك)

ليه ان شاء الله

قالي اصل لقينا فيه شباب بيجوا هنا يقعدوا وبيشتموا بألفاظ نابية فحفاظا على سمعة المكان

منعنا الجلوس على الأرض

قلت بين ضحكاتي...يعني حضرتك ما شفتش الألف وخمسميت واحد الي بيدخن وشفتني انا بس لما قعدت

قالي اصل حضرتك القعدة ممنوعة الارض لإن كان فيه شباب بتقعد على الأرض وبتقول الفاظ خارجه

ايوه يعني هو ده بس الي ممنوع ما التدخين ممنوع وكل الناس بتدخن وما شفتش حضرتك اتهزيت لحظة عشان تمنعهم

اصل حضرتك كان فيه شباب بيقعد.............

طبعا كنت زهقت من الكلام وزهقت من خلق الناس واتخنقت من ريحة السجاير الي خنقتني

وتعبت من كل حاجة وقلت لعل عادل امام يمتعني بقليل من الضحك

فوجئت ان عادل امام ختمها معايا ختام العقارب

فكما لم يرى احدا عيبا في السجاير التي تملأ المول

لم يرى عادل امام عيبا في ان رجلا في السبعين كرشه يمتد امامه مترين

وباروكته تفضحة و التجاعيد على وجهه تكاد تنطق بسنه الحقيقي عيبا في ان يتصرف كمراهق

او كشباب في ريعان شبابه تتهافت عليه النساء كي يحظين بنصيب في مهارته البارعة في الحب

ولم تدرك يسرى ان الفساتين العارية انما خلقت للنساء اللواتي يملكن شيئا جميلا يظهرنه

وليس لإظهار تجاعيد وترهلات

كل الي طلع عليا في اخر الفيلم المثل الشهير بتاع جدتي

دلع الكبارة يفقع المرارة

والمقولة الخالده لمحمد صبحي

انا جمعت المسؤولين وسألتهم....قالوا ان احنا كمسؤولين و في مراكز قياديه مش مسؤولين"