Tuesday, May 14, 2013

عفوا ممنوع نزول المحجبات


اشتكت لي صديقة ايرانية من معاملة الإيرانين العلمانيين في امريكا... صديقتي ايرانية معتدلة... لو رأيتها في شوارع القاهرة لما ميزتها كثيرا عن اي مصرية ... ترتدي بنطالونا واسعا وقميصا او تي شيرت يصل بالكثير الى اعلى ساقها... لا تتسم بكثير جمال لكنها ليست قبيحة... جاوزت الثلاثين بعدة سنوات... امرأة عادية جدا لن تلفت انتباهك وقد لا يتبادر الى ذهنك قط ان كانت شيعة او سنة... هي مجرد امرأة مسلمة لا اكثر.

في امريكا هناك صنفان من الإيرانيين رأيتهم... الأول هو الإيراني الكاره لذاته... تبالغ المرأة في كشف ما تسنى من جسدها كلما امكن... تتماهى مع المجتمع الامريكي في رغبة عارمة في الذوبان.. غالبا ما تسمي اطفالها بأسماء مسيحية او غربية ... هناك حالة عنيفة من البحث عن الهوية لدى هؤلاء... يشربون الخمر غالبا... ويعتبرون ان جنسيتهم السابقة هي مجرد حادثة تاريخية في سبيلها للزوال... كراهية كل ما ينتمي الى معسكر النظام الإسلامي هي سمتهم... 

الصنف الثاني هو المواطن الإيراني التقليدي ... الحجاب العادي الشبيه بحجاب المصريات غير انه لا يتسم بالضيق... لن تجد فيهن من ترتدي عباءة او شادور كما هي الحال في بلادهم... لكن الحشمة والبساطة هي عنوانهم بالتأكيد... الصنف الثاني حريص جدا على اكل الحلال...لا يأكل الا ذبيحة... ويسعى جاهدا ان يحافظ بقدر الإمكان على تقاليده الإسلامية...

قلة عدد الجالية الإسلامية نسبيا لا تسمح بتنوع مذهبي في المساجد... السّنة هم المسيطرون في الأغلب...غالبا بسبب العدد الضخم من الباكستان والبنجلادشيين في البلاد...لكن لن تجد ايراني ينعزل لإن المسجد يديره مسلمون سنة... يشترك الإيرانيون في مدارس الأحد التي تعلم الأطفال القرآن وأداب الإسلام... ينخرطون مع السنة بدون تمييز ولا يشعر احد تقريبا باختلافهم المذهبي...يصلون جماعة وراء امام سني دون مشكلة تذكر.. الإيراني في الغرب لا يحاكمك ولا يفرض عليك اراءه ولا يناقشك في الدين... 

اسعدني الحظ ان كانت اول رفيقاتي في السكن ايرانية... وعن طريقها عرفت عالم ايران الواسع... في جلسة هادئة تجمع بين نساء اغلبهن ايرانيات غير متزوجات كلهن على اعتاب الثلاثين كان من البديهي ان يكون الحديث عن الزواج والتقاليد والمجتمع العربي \ الإسلامي... "زهرة" التي بدأت الحديث عنها...اشتكت انها تعاني في امريكا من سوء معاملة الإيرانين... قالت : " انا لا اكل الا طعام ذبح على الشريعة الإسلامية.. فإن عزمني ايرانيون... وجدت ان كل ما يقدم من طعام مطبوخ بلحوم غير حلال... ولا اجد صنفا واحدا للنباتيين اكله... فاضطر ان اكل سلطة خضراء ... ان كانوا ينوون تجويعي فلماذا عزموني!! اما كان اولى بهم ان يمتنعوا؟" ثم استرسلت... " حين استضافتني صديقة كورية... سألتني قبلها بعدة ايام... ما الذي لا اكله... اخبرتها عن اللحوم وقلت لها استطيع ان اكل السمك ان شئت... الا انها اصرت ان اخذها الى حيث اشتري اللحوم... واشترت لي لحما حلالا حتى استطيع ان اكل كما اشاء..." تعجبت وقتها كيف يمكن لكورية لا تؤمن بديني ولا تعرفني وتحترم عاداتي الى هذا الحد من الإحترام.... في حين يعجز ابن بلدي ومنظومتي عن ان يعطيني نفس القدر من الإحترام..

تذكرت زهرة وحديثها ودهشتها من سوء معاملة ابناء بلدها مقارنة بالغرب.... وانا اشاهد يافطة ممنوع نزول المياه للمحجبات في مصر!!!!! 

اذكر ان سيدة صديقة ارجنتينيه كانت تعمل في مصر لسنوات... حين تذهب الى شاطئ عام من شواطئ مصر تنزل البحر بملابسها لإن هذه عادة البلد...ولا تريد ان تصدم المجتمع بلباس لا يألفونه... اما ان اسعدها الحظ بفندق خمس نجوم فتلبس تي شيرت فوق لباس البحر حتى لا تصاب بتسلخات من الشمس الحارقة... حكت لي يوما ان الإدارة رفضت نزول امرأة محجبة الى الحمام برغم ارتداءها للباس من نفس الخامة التي تصنع للمياه... وسمحوا لها بالنزول وهي ترتدي تي شيرت قطني يمنعها الشمس الحارقة!! 

اهي عقدة الخواجة؟ اهي عقدة اضطهاد ابن منظومتك وانسحاق امام الأبيض الأجنبي؟ لا ادري.... لا املك اجابة سريعة... هي مشاهدات تستحق المتابعة... أظن انها في النهاية مجرد تربية... لو تربينا على احترام الأخر لما وقعنا في التصنيف بداية... اظن هذا هو الفرق بين الشرق والغرب... شعوب تحترم الأخر وتقبل الإختلاف!! وشعوب لا تفهم اختلاف ولا احترام