Saturday, January 10, 2009

عن التاريخ نحكي

في حديث دار بيني وبين أحد الأصدقاء حول أزمة غزة
ذكرني بحادثة وقعت في تاريخ مصر في أيام العز بن عبد السلام
يروى أنه حين اشتد خطر المغول على العالم الإسلامي, وفتكوا بالعراق والشام ولم يبقى سوى مصر كبوابة للشمال الأفريقي وباقي العالم الإسلامي
أزمع قطز أن يعد العدة لمقاتلة هذه الوحوش الكاسرة التي لا تعرف الرحمة والتي احالت انهار العراق الى دماء وأحبار
فوجد ان التمويل أولي العقبات امامه. وقرر ان يجمع الضرائب من الشعب كي يجهز بها الجيش
لكن كيف بإمكانه ان يقنع المصريين البسطاء أن يدفعوا من أموالهم
فذهب الى الإمام العز بن عبد السلام, كي يستأذنه ان يفتيه في أن يفرض ضرائب على الشعب كي يجهز بها جيش المسلمين
فقال العز, أفتيك بشرط, ان تخرج انت أولا كل اموالك واموال مماليكك وامرائك في سبيل الله, فإن لم تكف لتجهيز الجيش
افتيك بفرض ضرائب على عامة المسلمين!!!!
فقال قطز, كلمة....لو عقلها الحكام...لما كنا في هذا الهوان
قال قطز, وما قيمة الأموال إن ضاعت الديار!!!! هذه أموالي جميعا أضعها في سبيل الله
ثم جمع مماليكه وخطب فيهم خطبة عصماء مفادها ان الخطر القادم لن يقف امامه اموال ولا قصور
فلما انتهى من جمع المال رجع الى العز وقال له مازال ينقصنا الكثير
فشمر العز عن ساعديه وجاب انحاء المحروسة كلها
يخطب في الجماهير, ويحثهم على الإنفاق في سبيل الله بأموالهم وانفسهم
و يحثهم على الدعاء بالنصر والقنوط
يحكى ان المصريين في ذلك العصر كانوا يلتقون بعضهم بعضا كل صباح
فلا يتسائلون عن المال والعيال بل يسأل كل منهم أخاه كم ركعة صليت بالأمس
قنوطا لله وطلبا للنصر
كان المصريين يتصورون المغول وحوشا كاسرة...اسودا لا قبل لهم بها...
فقد فتكوا بالدولة العباسية عن بكرة ابيها
كسروا العظام, وسفكوا الدماء, وهتكوا الأعراض وبقروا البطون
فعلوا ما لم يفعلة محتل من قبله..
علم المصريين ان لاسبيل للنجاة سوى بالصلاة والدعاء والعمل المستمر
وكانت السلطة والشعب على قدم وساق
نحو هدف واحد...سنحارب هذا العدو
قد نهزم..فنموت على أرجلنا شهداء في الجنة مدافعين عن ديننا ودنيانا
او ننتصر فنرحم العالم الإسلامي من هذا الخطر الدامي
كانت الجنة متمثلة في احلام المصريين جميعا في ذاك الوقت
فقط كانوا يأملون ان قتلوا ان يقتلوا سريعا دون الم كثير
فكانت النتيجة ان انتصر المصريين انتصارا ساحقا...وكسرت شوكة التتار
وأنقذ العالم الإسلامي...
إن للعز بن عبد السلام في تاريخ الإسلام مواقف غاية في الشجاعة والقوة
لكن قوته كانت تستمد من إحترام الحكام لهم...واحترام الحكام
مستمد من احترام الشعب لعلمائه
واحترام الشعب نابع من إيمانهم ان هؤلاء العلماء ليسوا طلاب دنيا
وإنما طلاب اخرة..لا يبغون الا وجه الله
يا ترى...من يصلح اليوم كي يكون عزا بن عبد السلام...
وهل يدرك الحكام ان التاريخ سيظل يذكر قطز بمنتهى الفخر والإحترام رغم كونه مملوكا وعبدا
وسيذكرهم بكل ذل وعار رغم انهم لم يستعبدوا يوما...
و ياترى هل يعلم العرب والمسلمون اسباب النصر
ان للنصر اسبابا واضحا..لا بد ان يعلمها ويعمل بها الناس
لو فقط نقرأ تاريخنا...لإنتهت إسرائيل منذ خمسون عاما
فقط لو نقرأ

3 comments:

عبقرينو said...

ياااااااااه
عودة بقوة كما تعودنا منك دائما
مقالة مختصرة حبلى بالدلائل القيمة
القراءة من شيم المتعقلين والحكماء والقادة العظام
تحرير المقدسات عبر مصر وليس عبر اى طريق آخر..أصحى يامصر
أزيدك هذه القصة وهى لو نقرأ التاريخ ايضا فى ظل الدولة الفاطمية كانت هناك ازمة مرت بها مصر وهى ازمة المستنصرة عندما كانت الأموال كثيرة ولكن لا توجد منتجات أو اطعمة فانتشر الفساد والقتل والهرج والمرج فى مصر لدرجة أن المصريين بدأوا يأكلون بعضهم البعض وأصبحوا آكلو لحوم البشر
هذا هو حال مصر مستقبلا فى ظل تراكم الأموال وضعف الانتاج الزراعى والصناعى إضافة على ماتمر به من أحداث
ومرارا قلنا تحرير القدس والمقدسات عبر مصر وليس عبر اى طريق آخر التاريخ يقول لنا ذلك

شــــمـس الديـن said...

اولا
حمد لله علي السلامة عودتك التدوين

ثانيا المقالة اكثر من رائعة و غاية في الالهام

عارف مصر من ناقصها غير حاكم او قائد له عقيدة و ستجدي كل الامه توحدت علي الهدف

اهم شئ في القصة دي هو العدل
لم يأخذوا من الرعية الا عندما اخذوا من انفسهم اولا

ثانيا الصدق , صدق النية و اخلاصها لله عز و جل يصنع المعجزات

القصة ملهمة جدا حقا

زينـه said...

الذي لم يقرأ التاريح سيضطر ان يعيده